mardi 28 avril 2009

Article

للحقيقة: تصويب منطق رفاق الامس
المحامي جورج ابو صعب

بعد كل الذي جرى والذي ذاقه المسيحي وتحديدا القواتي من مرارة التضحيات بالنفس والذات والحياة، ومن سجن وتنكيل وظلم وطغيان واستبداد، لم يعد مسموحا ان ينبري احد الرفاق القدماء من بين رفاق سلاح بشير الجميل وبطرس خوند وسمير جعجع ليزيد من ظلم ذوي القربى ويمعن في الطعن بظهر المؤسسة التي احتضنته والقائد الذي لم يكن له يوما الا المحبة والاحترام ولو اختلفت الاراء.

ونعني بالقائد الحكيم الدكتور سمير جعجع الذي لولا صموده وتحمله ما تحمله عن رفاقه وأخوانه وعن القضية ككل لما بقيت اليوم قوات لبنانية ولما بقي من ذكريات ومواضيع ليتكلم عنها المنسق العام لجبهة الحرية الدكتور فؤاد ابي ناضر في حواره مع جريدة الوطن القطرية.

عندما كان الدكتور ابو ناضر مع الدكتور سمير جعجع في خندق واحد وفي شراكة وطنية في حمل مشعل المقاومة المسيحية لم نكن بعد الا طلاب او تلاميذ مدرسة، ولكننا وعينا على قول الحقيقة وتمرسنا على حفظ الحقوق وعلى الانصاف والعدالة وكلمة السواء، ما يجعلنا نأسف على كلام الدكتور ابو ناضر الذي نكن له كل احترام. ولكنه مرة جديدة سجل سقوطا مريعا في امتحان الاصالة والو! فاء للشهداء ولقضيتهم التي لم تحد عنها القيادة الحالية للقوات اللبنانية حتى في احلك الظروف. ولا يسعنا في هذا الاطار الا تسجيل الملاحظات التالية:

اولا: ان عودة سريعة الى الوراء وتحديدا الى الفترة الزمنية التي تسلم بها الحكيم مقاليد القيادة في القوات اللبنانية بعد الاطاحة برموز الوصاية وتجار الهيكل من داخل البيت، تثبت لنا بوضوح ان القوات اللبنانية التي حلم بها شهيدنا الكبير بشير الجميل لم تصبح كما كان يحلم الا في عهد الحكيم، مؤسسة واعدة للمجتمع المسيحي، مؤسسة نحو المستقبل أسست لكيان مسيحي استقلالي ذاتي في مناطق تواجد القوات اللبنانية وقد احتضنها الشعب والمجتمع. بالاضافة الى النهضة التنظيمية على كافة الصعد العسكرية والاجتماعية والصحية والثقافية، وكلها انجازات جعلت القوات اللبنانية في وقت وجيز تتحول اكثر فاكثر الى رقم صعب في المعادلة اللبنانية والمسيحية قبل بروز "يوضاسيو المسيحية والقضية" في التسعينات. وقد اصبحت القوات اللبنانية ذات قدرة فائقة على حماية المجتمع المسيحي وتحقيق الامن الذاتي في زمن الانفلات الامني وفوضى الدويلات الطائفية في كل لبنان. وهذه الخطورة التي بلغته! ا القوات اللبنانية كانت السبب الاساسي في تصويب نظام دمشق هجوماته ومؤام راته على المؤسسة وقائدها حتى تمكنوا منه شخصيا بعض الوقت (11 سنة) ولكنهم لم يتمكنوا من روح وشعلة المقاومة المسيحية والتصميم الشعبي المخلص على احتضان من كان في اساس حماية المسيحيين في لبنان والشرق والدفاع عن استقلال لبنان وسيادته منذ فجر اندلاع حرب 1975 .

ثانيا: عندما عصفت رياح التآمر على القوات اللبنانية من داخل البيت في ضوء المشاريع المشبوهة التي حاكها شركاء السلاح ورفاق الدرب من امثال المغفور له ايلي حبيقه وسواه، هل كان من الحكمة والوفاء للقضية ان تسلم القوات اللبنانية ومعها الجبهة اللبنانية رقبة ومصير المسيحيين الى سوريا كي لا يعتبر الحكيم القائد الملهم؟

عندما حاول ايلي حبيقه اختراق الاشرفية والمناطق الشرقية بدعم عسكري ولوجستي من سوريا والفصائل الموالية لنظام دمشق وقائد الجيش حينها العماد عون لفرض امر واقع على الشرقية انذاك واسقاط نظام الرئيس امين الجميل بالقوة فهل كان يجب على الحكيم ان يستسلم ويقبل بدخولهم الى الشرقية كي يكون مثال القائد المطلوب؟

عندما زج الحكيم في معركة غير متكافئة في الجبل بعد ان اوقعت القوات اللبنانية في فخ المساومات السياسية عل! ى وقع قصف الطيران الاسرائيلي والسوري والهجوم الاشتراكي السوري الكاسح ومماطلة الدولة اللبنانية انذاك في ارسال الجيش اللبناني لفك الارتباط وانقاذ الجبل من افظع مجازر التاريخ الحديث في لبنان، في ظل ضعف القرار المركزي للقوات اللبنانية انذاك، هل كان المطلوب من الحكيم انذاك الاستسلام وترك ما تبقى من رفاق سلاحه وشعبه يقتلون ويذبحون امام عيونه وهو محاصر في دير القمر، ليصبح بنظره بطلا ويستحق القيادة ؟

عندما شن الجنرال حربه التحريرية ضد السوريين هل أخطا الحكيم (وهو الذي كان يعلم سلفا عقم هذه الحرب وعبثيتها لابل عدم براءتها) في مساندة العماد عون ومشاركته ميدانيا العمليات العسكرية ضد المواقع السورية في لبنان؟ أولم يكن الحكيم حينها الى جانب حليف جبهة الحرية اليوم في المتن؟

عندما شن الجنرال عون بغطاء عربي ودولي حربه لالغاء القوات اللبنانية – قوات الدكتور ابو ناضر ورفاقه – تحت ستار اقفال المرافق غير الشرعية، وكأن المرافق غير الشرعية لم تكن الا في المناطق المسيحية فقط وباقي لبنان في حالة انتظام ونظام، وتبين فيما بعد ان العماد عون ما كان ليفتح تلك المعركة لولا وعد تلقاه برئا! سة الجمهورية ان هو اثبت للخارج القدرة على السيطرة على المناطق المسيحية وازالة القوات اللبنانية التي باتت رقما صعبا في معادلة بيع لبنان لسوريا والعقبة امام استكمال مخطط الانقضاض على ما تبقى من سيادة لبنانية واستقلال وكرامة وطنية. فهل كان المطلوب من الحكيم ان يسلم للمؤامرة ويقبل بتسليم سلاحه الى من تذرع بالبذة العسكرية ليفرض واقعا مواليا لسوريا كما نشاهد اليوم في تحالفات العماد السياسية التي كشفت القناع الحقيقي عن كونها "مجرد صدفة انهم كلهم موالون للنظام السوري"، كي يصبح الحكيم قائدا ناجحا؟

عندما اجمع اللبنانيون على اتفاق الطائف لانهاء دوامة سقوط الهيكل على رؤوس الجميع هل كان المطلوب من الحكيم ان يرفض الطائف كي يكون قائدا غير ملهما؟

عندما وافق الحكيم على تسليم سلاح القوات اللبنانية للشرعية اللبنانية على مضض ولكن من أجل لبنان والسلم الاهلي وتطبيق اتفاق الطائف، هل كان يجب ان يرفض ليكون قائدا غير ملهم؟ وهو الذي شارك في الحكم في وقت كان حكم الاعدام قد صدر بحقه في المجلس العدلي مسبقا ان شارك او لم يشارك في الحكم.

عندما سجن الحكيم ظلما وطغيانا وتعسفا على يد النظام الامني السوري ـ اللبناني يومها وفتحت امامه ابواب الجحيم وسيول ال! اتهامات الباطلة والمحاكمات المفبركة من الفها الى يائها، لم ير هذا الرجل احدا من رفاقه الى جانبه ولو تضامنا او حتى من باب المجاملة الاجتماعية. فكم مرة ومرة زاره رفاقه في دهاليز اليرزة ؟ وكم مرة ومرة اصدروا اقله بيانا او موقفا يطالب باطلاقه؟

الم يتخلى عنه الجميع ... بمن فيهم رفاق جبهة الحرية اليوم؟

وبعد كل هذا... وسواه من كلام وكلام لا ينتهي وحساب مفتوح يطال الجميع...

ومن منطلق اللياقات الاجتماعية قبل اي اعتبار اخر عندما حرر الحكيم من سجن الظلم وقيود الاستبداد هل كان يجب عليه هو ان يجول على الرفاق والعباد لتهنئته بالسلامة والحرية؟

لسنا مكلفين من الحكيم في الدفاع عنه ولكن كلمة الحق يجب ان تقال... ويجب ان يتوقف هذا النمط "التجهيلي" او "التبسيطي" للمواقف. فليس خطأ ان يكون للانسان موقف سياسي مخالف لموقف الاخر، ولكن الخطأ هو في ان تفسر المواقف على النحو الذي يخدم شعبية ما او مصلحة انتخابية ما او حاجة ظرفية او انية ما عل حساب الحق والموضوعية والحقيقة.

ثالثا: ويبقى ان نشير الى ان القوات اللبنانية بالامس واليوم هي التي اطلقت ومارست وتمارس القسم! الاكبر من مبادئ جبهة الحرية. اما اذا كان المطلوب ليكون الحكيم قائدا ن اجحا ان يستجدي من العماد عون رضاه كما يستجديه غيره لمقعد نيابي او مكان نفوذ، فان مدرسة بشير الجميل علمتنا ان للعلي فقط الاستجداء والترجي والمواقع السياسية تكون على قدر استحقاق شرف التضحية للبنان وحرية الوجود المسيحي في هذا الشرق.